لا تكذب!

لا تكذب!

  • لا تكذب!

اخرى قبل 1 سنة

لا تكذب!
بكر أبوبكر
ثقةُ الجماعة من أثمن ما يمكن أن يحققه الشخص في علاقاته المختلفة، في دوائره القريبة أوالبعيدة، لأنها المدخل لأن تسير السفينة سفينة الحياة، ومنها في العمل المشترك، بشكل متزن، لا يعطبها ثغرات ولا يشوبها خلل الفقدان أو الغرق.
وفي هذه المادة المعنونة: كيف يكتسب القائد ثقة الجماعة في 15 نقطة عرّفنا الثقة ثم القائد عامة، والقائد الجيد والسيء، والقِيِم. ثم عرّجنا على الاهتمام كأول نقطة في اكتساب القائد لثقة الجماعة، وعرضنا النقطة الثانية حيث التعاطف مع الآخرين، ومشاعرهم، ثم الاشادة بالأعضاء وشكرهم أو مدحهم علنًا. وناقشنا فكرة ذكر وتقديم من يستحقون بالاسم، ونسب الفضل لأصحابه وعدم سرقته، وهنا سنعرض ضرورة مصداقية العضو والقائد، والاعتمادية
التمتع بالمصداقية، والاعتمادية:
 يجب الربط بين الأقوال والأفعال وعدم مخالفة الوعود حين تُقطَع. 
والقائد في موقع سلطته على الناس أو التنظيم (المنظمة) أو الجماعة سيفتقد حُسن النظر اليه ويفتقد ثقة الناس فيه حين يصبح الخداع والمناورة والمداورة على الناس هو المهارة الأساسية التي يعبّر عنها.
 فلا يرُدّ لك طلب! وفي نفس الوقت لا ينفذ أي طلب. 
وحين تكرر طلبك أو حاجتك عليه يعود لإعلان الموافقة ويترك للنسيان والزمن أن ينهياه كما ينهيان مصداقيته ويحطمان الثقة به. 
كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الصدق بعينه، لذلك لقّب بالصادق الأمين، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"، والقائل بجزء من الحديث: "وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا...والرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا". 
وكما قال المسيح عليه السلام: "فكل ما هو كذب لا يأتي من الحق"، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الصدق صلاح كل شئ، الكذب فساد كل شئ. 
لذا ببساطة: لا تكذب.
عرفت شخصًا في موقع متقدم لم أكف عن تقديم عديد المشاريع والمقترحات له، ولم يكن منه الا الاعجاب بها من جهة (كان ينظر بابتسامة قائلًا: واو، عظيم، رائع) والإعلان عن أنها ستكون بصدد التنفيذ فورًا!
وهاهي السنوات الطويلة قد مرت ولم ينفذ منها الا سرقة إحداها ونسبتها له!
 "ثين بيلومو" المتحدث والمؤلف والمدرب، وصاحب كتاب "إذا كنت تريد العمل الجماعي فاعطِ العمل الجماعي" يقول التالي: "لا شيء يقوض منظمة مثل الأكاذيب. إذا كنت تريد فك ارتباط الناس، فقل لهم الأكاذيب. إذا كنت تريد التأكد من ازدهار السخرية وانعدام الثقة في مؤسستك، فاكذب. إذا كنت تريد التأكد من أن الأشخاص لا يبذلون قصارى جهدهم ويعملون بجد لضمان ازدهار مؤسستك ، فأخبرهم بالكذب. إذا كنت تريد أن يغادر الناس، فقل لهم أكاذيب. ولا تخطئ: ليس عليك أن تكذب أكاذيب كبيرة. الأكاذيب الصغيرة تكفي". 
ويضيف "بيلومو":" من السهل أن نرى كيف تسبب هذه الأكاذيب الصغيرة الضرر. من السهل سحب الخيط على أي منها ورؤية حلقات الأذى متحدة المركز التي تنتشر منها وتضر بك ومنظمتك وتدمر الثقة والمصداقية. إضافةً إلى ذلك، يمكن أن تسبب ضررًا لا رجعة فيه. كما يقولون ، يستغرق بناء الثقة وقتًا طويلاً ويمكن القضاء عليه في ثانية. والثقة هي كل ما لديك في مؤسستك. عندما لا يثق بك الناس، فليس لديك شيء. أسوأ شيء يمكنك القيام به كقائد هو الكذب. تجنب القيام بذلك بأي ثمن."
يقول الرئيس الامريكي "توماس جيفرسون" من الآباء المؤسسين لامريكا أن:"الصدق هو الفصل الأول في كتاب الحكمة".
هل لنا أن نقول مع الشاعر كامل الشناوي ولحن محمد عبدالوهاب وغناء نجاة الصغيرة:
لا تكذبي إني رأيتكما معا ودعي البكاء فقد كرهتُ الأدمعا.
ضمن بند الصدق والأمانة في قواعد المسلكية الثورية بالمجال التنظيمي في حركة فتح تقول الأدبيات الحركية التالي نصًا: "يتطلب البناء التنظيمي من الأعضاء، كصفات أولية أساسية، ان يتمتعوا بالصدق والأمانة. وهاتان الصفتان كقاعدة للمسلكية الثورية، تحتم على العضو أن يمارس داخل أطر الحركة الثورية وخارجها بصورة تعمق الصواب وتحارب الخطأ، تقول الحق وترفض الباطل. تتحمل المسؤوليات فتؤديها بأمانة واخلاص. وتقف دائما موقف الصدق، حتى لو كان الموقف يدينها."
ثم تضيف في صفات العضو-فما بالك بالقائد القدوة- لتقول أن "هذه الصفات في العضو، هي التي تضمن سلامة العلاقة بين الأعضاء بعضهم بعضًا من جهة وبين الأعضاء والجماهير من جهة، أخرى". 
تقول أدبيات الحركة استطرادًا لما سبق: "ان التبجح والمزاح والادعاء، هي صفات متفشية في المجتمعات، وقد يحولها بعض خفيفي الظل الى صفات مستحبّة، فتصبح مباريات الكذب والفشر تعبر عن عقد النقص المتفشية في المجتمع. ولكن الحركات الثورية، التي تسعى لتغيير الواقع الفاسد، وتسعى لتطهير المجتمع من كل الأمراض، ترفض ان ينقل اعضاؤها مرض الكذب الى داخل صفوف الحركة الثورية. كما وإنها تصرّ على ضرورة أن يضع العضو المريض نفسه للأطر التنظيمية لتساعده في عملية التنقية الذاتية، حتى يكتسب قاعدة أساسية من قواعد المسلكية الثورية."  
ودعنا نضيف هنا أحد أهم جوانب القائد الجيد، القائد القدوة، هو هي امكانية الاعتماد عليه. 
فأن تكون قائدًا (في موقعك أو ضمن جماعتك) يعني أن لديك الكثير من المسؤوليات، لذلك يتعين على الناس الاعتماد عليك لتولي هذه المسؤوليات. 
في بعض الأحيان، يأتي دور القائد بقرارات صعبة، ولكن من مسؤوليتك اتخاذ تلك القرارات. (وبالطبع إدخالها موضع التنفيذ).
 إذا كان بإمكان الناس أو الأعضاء في منظمتك الاعتماد عليك ليس فقط خلال الأوقات الجيدة، ولكن الأوقات الصعبة أيضًا، فعندئذ يكون لديك صناعة لقائد عظيم.  
 

التعليقات على خبر: لا تكذب!

حمل التطبيق الأن